dost إدارة
عدد المساهمات : 499 تاريخ التسجيل : 29/08/2010 العمر : 45
| موضوع: >>>>AHMED CEP 2010-09-05, 15:46 | |
| ما أجملها الموسيقى, ساعة تلون شتات أيامنا البائسة بألحانٍ تتناغم ومسيرتنا الحاضرة, ما أجملها لحظةَ تكون رفيقتنا أيام المعاناة, أيام الفرح, بل في كل الأيام, وكل الفصول والأوقات.
إنها الموسيقى.....رُسمت من السماء لغة مختلفة جداً, تسردُ ما يكنه القلبُ للقلب, فهي حديث القلوب, هي كالحب يثور شذاها وينتشر تأثيرها, هي كالشمعة تطرد غروب النفس, وتنير القلب, فتظهر أعماقه. هي لغة النفوس, ونسيمات لطيفة تهز أوتار العواطف, هي أنامل رقيقة تطرق باب المشاعر وتلهب الخيال. إنها تذكير الخالق لنا بأنه يوجد شيء آخر في الكون بالإضافة لنا, إنه ترابط متناغم بين كل الكائنات في كل مكان حتى مع النجوم, إنها لغة الملائكة وحديث الروح للروح, لغة مجردة تساوي كل الأشياء الجميلة.
(( تحملني الموسيقا مثل البحر, نحو نجمتي الشاحبة, ادفع الشراع تحت سقف الضباب أو في أثير واسع, أحس في نفسي ارتعاش كل آلام مركب يتعذّب ))....هكذا قال "بودلير الفرنسي" (( الموسيقى...إنها جسم من الحشاشة له روح من النفس, وعقل من القلب, والألحان في قضائي أشباح الذات الحقيقية أو أخيلة الشعائر الحية ))..........هكذا قال العظيم "جبران خليل" (( إن عذوبة الألحان توطد آمالي بوجود أبدية جميلة ))..............هكذا قال حكيم هندي. (( مقياس حضارة ورقي أية أمة هو موسيقاها )) ......................هكذا يقول الأكراد. والرواية تطول..................................!
ولكن.....ما أجمله كذلك من يتخذ من تلك الموسيقى حرفة, بل ذاتاً يتأقلم بكليته معها, يتناغم معها, يذوب معها, حتى الاختفاء إلى حيث سِفْرُ الروح, إلى حيث ذاك الشعور الجميل, اللطيف, العذب, البعيد, رحيلٌ وتيهٌ في غياهب زمنٍ غريق.
إنه أحمدِ جب, وإنها موسيقاه, وألحانه.....فنان اتخذ الفن إبداعاً, وتبناه موهبة, وهو يعلم....ويعلم تماماً مشقة الدرب الذي سيسلك, ومع ذلك قرر أن يبدأ, وأن يتابع, وأن يكون كما يجب أن يكون. حينما نعود إلى البدايات, حيث كوباني وحيث هو, أحلامٌ كثيرة, وآلامٌ كبيرة, وطموحات عظيمة. لكن التصادم يكون دائماً مع مجتمع يرفض الموسيقا والموسيقي, يرفض الفن والفنان...ويعتبره خارجاً عن القانون, مجتمع يرفض ولا يملك إلا أن يرفض, يرفض كل شيء, ولا يطرح أي شيء. لكن تبقى القدرة على التحدي – رغم الرفض, والتشهير, والتمنُع - أمرٌ كبير, يحتاج إلى صبر جميل. هو الفن وهي ذي أحوال أهله في زمن يُقتل فيه اللحن كل لحظة.
أحمدِ جب, في تقاسيمه تتجسد معاناة الحاضر, في أنامله سحرٌ عجيب, يُمازج الألحان ويلعب بالمشاعر ويثير الألم ويفتح دروب الأحزان. أنغامٌ تنتشلك من غياهب نفسك الشاردة إلى سموات أعذب وأحلى, وضربٌ بل تغريدٌ, بل ترتيلٌ, ورحيلٌ, إلى حيث عوالم أخرى, نتجاوز فيها الممكن, أنينٌ يتراكم ليرسم ويختصر معاناة.......معاناة ابتدأت منذ الطفولة وامتدت؛ فالألم مصدر الإبداع.
إنه احتضار لأرواح جيلِ كامل, وألم يتوالد من تلقاء نفسه, لأنا في زمن يُقتل فيه اللحن كل لحظة. وتبقى روعة الأداء, وحلاوة التلوين, ولطافة الواقع, وصدق النية, وسلامة الذوق, وعمق الإحساس؟, والنزعة إلى الإبداع , هي السمة المميزة له. أحمد ﭽب ولد في منتصف الستينات في منطقة عين العرب ( كوباني ), متزوج وله من الأولاد ثلاث " سربند, ستير, مَبَست", عمل مدرساً في قرى تابعة لكوباني عدة أعوام, ليستقر في حلب بعد الزواج, وليتابع العمل في مجال الموسيقى والرسم. سافر إلى روسيا ليبقى هناك فترة تقارب عن العام, وعاد ليستقر في حلب مجددا, وليسافر فيما بعد إلى تركيا ثم إلى العراق, ثم ليعود مجدداً ويستقر في كوباني , وبعد فترة صراع مريرة أتته فرصة السفر إلى "فرنسا" لإحياء حفل موسيقي مع صديقه مجو كندش ( Miço kendş ) ومن هناك سافر إلى "الدنمرك" ليستقر بشكل نهائي فيها مع أطفاله وزوجته......
في لقاء صحفي معه (( 1995, الذي أجراه عبد الحليم يوسف )) يقول: وأنا صغير كنت أملك دراجة عادية ومرة تعطلت, فكرت كثيراً, وذهبت اربط "الرفراف" مع مقود "الدركسيون" وبدأت اضرب على الوتر, كان يصدر صوتاً رخيماً, جميلاً, ثم بدأ الصغار يتجمعون حولي, وأنا اعزف لهم.....وتلك كانت البداية المبكرة.
وفي موضع آخر من تلك المقابلة يقول أيضاً: أتذكر أن أبي كان يسمع دائماً "خجي وسيامند"*, وكنت أبكي في الخفاء, كنت أتأثر أكثر منهم, و أخفي ذلك, والى الآن لا زالت مشاعري نفسها تعزز كياني وتذيب قلبي ألماً عندما أعزف مقطوعة "خجي وسيامند".
ويتابع: (( فكرت في صناعة آلة تكون خاصة بي "طنبور" وبدأت بتركيبها, كانت عبارة عن خشبة طويلة تتوسطها "طاسة ألمنيوم" كنت بداية اعزف بيدي, ومن ثم نصحني احدهم بالعزف بالشفرة ثم تعرفت على الريشة وآلية العزف بها, كانت أصابعي تجرح وتؤلمني على الدوام, وكانت الريشة تتلاشى بين يدي وتمحى. وحصلت أخيرا على طنبور احد الأصدقاء, وكم كانت مفاجئتي عارمة أن احمل بين يدي طنبوراً حقيقياً, يعطي أنغاماً حقيقية, كان شعورا جميلا مشوبا بخوف كبير. وبدأت اعزف وكان عزفي ومنذ اللحظات الأولى ترجمة صادقة لمشاعري الذائبة تيهاً بحب عظيم, عميق, صامت, وبدأت تدريجيا الفت الانتباه, وكان بعضهم يسمعني بنهم ويشجعني ولم أكن حينها أتجاوز الخامسة عشرة من عمري بعد. ثم حصلت على بزق خاص بي من عامودا. ومضى زمن لتتطور الأمور أكثر, إذ بدأت أفكر بتطوير هذه الآلة "البزق" وكان أن وسعت مجال العزف عليها بإضافة أوتار إضافية. في البداية أضفت وترا, ولم تمر فترة حتى أضفت وترا آخر, وهكذا بدأت اعزف على بزق بأربعة أوتار "مزدوجة"1990. في بدايات 1994 قمت بتصميم بزق جديد يحوي خمسة أوتار"مزدوجة" وزنده اعرض من زند البزق العادي, ثم غيرت جزءاً من شكل الطاسة لأجل عزف الأصوات الحادة, وكانت هذه الآلة تحوي أربعة سلالم موسيقية "بيناف" ))
أحمدِ جب كان دائم الحضور في الوسط الفني عامة, وفي كوباني خاصة. كان التميز من ناحية العزف والتلحين والأداء سمة بارزة, فأينما حلّ أحمد جب يكون في المقدمة. أخلص لفنه, قدم الكثير...والكثير لكن لم يكافئ بشيء ....هو ذا الفن وهي ذي أخبار الفنانين في زمن يُقتل فيه اللحن كل لحظة. وما يزال أحمدِ جب يعزف..ويعزف...., رغم إن الزمن كذلك ما يزال يقتلُ اللحن في كل لحظة!
بعض من أعمال أحمدِ جب: - في عام 1986 لحن وعزف للفنان الراحل باران كندش كاسيتاً بصوته. - سجل مع الفنان رشيد صوفي كاسيته الأول. - لحن وشارك بالعزف مع عدد كبير من الفنانين" ينال طاهر, مجو كندش, شاد...." - له تسع كاسيتات موسيقية مسجلة, منها الفلكلورية ومنها تقاسيم والحان من توزيعه. - عمل في مجال الموسيقا الالكترونية. - اصدر كاسيت " bênav " وكاسيت موسيقا ضم معزوفات شعبية. - له ما يزيد عن الستين مقطوعة موسيقية " مقطوعات فلكلوريا وتقاسيم ". - شارك مع عدد من الفنانين في إحياء عدد من الحفلات الموسيقي في فرنسا وسويسرا والدنمرك وعدد آخر من الدول الأوروبية. - عمل في الدنمرك كعازف مع فرقة موسيقية فترة من الزمن. - وسع مجال العزف على آلة البزق من خلال تحويره إلى بزق بخمسة أوتار مع تغير شكل الطاسة لتلافي تطويل الزند ولفسح المجال لليد والأصابع لإصدار أصوات أكثر رقة, أي قام بزيادة سلمين دون أي يؤثر ذلك على صوت البزق الأساسي ودون نسف خصوصية هذه الآلة. تلك الآلة عُرفت لاحقاً بـ" بى ناڨ " وانتشرت بشكل لافت في الوسط الفني.
| |
|